الامام الجواد

ولد الامام محمد الجواد عليه السلام في المدينة المنورة في العاشر من رجب، عام 195ﻫ الموافق عام 811 م

قال الإمام الرضا عليه السلام عند ولادته: “قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار وشبيه عيسى بن مريم، قدست أم ولدته، قد خلقت طاهرة مطهرة ثم قال عليه السلام: يقتل غصباً فيبكي له وعليه أهل السماء ويغضب اللّه على عدوه وظالمه فلا يلبث إلا يسيراً حتى يعجل اللّه به إلى عذابه”

تولي منصب الخلافة في سن السابعة أو الثامنة من عمره الشريف مما شكل سابقة في الفكر الإمامي، ولكن هذا الأمر ليس بغريب في حياة الأولياء التي فيها الكثير من المعجزات والكرامات

عمره الشريف : 25 سنة

مدة إمامته : 17 سنة

تاريخ وفاته : التاسع والعشرون من ذي القعدة عام 220 ﻫ الموافق عام 835 م

سبب وفاته : استشهد بالسم على يد زوجته (أم الفضل) بتحريض من الخليفة العباسي (المعتصم)

:مدفنه

مقابر قريش (حالياً مدينة الكاظمية) بجوار جده موسى الكاظم (عليه السلام) بغداد- العراق.

:كنيته

أبو جعفر، وهي كنية جده الباقر(عليه السلام) وللتمييز بينهما يكنّى بأبي جعفر الثاني.

:ألقابه

أمّا ألقابه الكريمة فهي تدل على معالم شخصيته العظيمة وسمو ذاته وهي:

١ ـ الجواد: لُقب به ؛ لكثرة ما أسداه من الخير والبر والإحسان إلى الناس.

٢ ـ التقي: لقب به ؛ لأنه اتّقى الله وأناب إليه، واعتصم به ولم يستجب لأي داعٍ من دواعي الهوى.

٣ ـ المرتضى

٤ ـ القانع

٥ ـ الرضي

٦ ـ المختار

٧ ـ باب المراد

عبادته ونسكه

كان الإمام الجواد(عليه السلام) أعبد أهل زمانه، وأشدهم حبّاً لله عَزَّ وجَلَّ وخوفاً منه، وأخلصهم في طاعته وعبادته شأنه شأن الأئمة الطاهرين من آبائه(عليهم ‌السلام) الذين عملوا كلّ ما يقرّبهم إلى الله زلفى ، ومن مظاهر عبادة الإمام الجواد(عليه السلام) نوافله إذ كان(عليه السلام) كثير النوافل، ويقول المؤرخون إنه: كان يصلّي ركعتين يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة، وسورة الإخلاص سبعين مرة، وإنه(عليه السلام) إذا دخل شهر جديد يصلّي أول يوم منه ركعتين يقرأ في أول ركعة (الحمد) مرة، و(قل هو الله أحد) لكل يوم إلى آخره … يعني ثلاثين مرة  وفي أول الركعة الأخرى (الحمد) و(إنا أنزلناه) مثل ذلك ويتصدق بما يتسهل، يشتري به سلامة ذلك الشهر كله

وجاء في الرواية أنه صام أبو جعفر الثاني(عليه السلام) لمّا كان ببغداد يوم النصف من رجب، ويوم سبع وعشرين منه، وصام معه جميع حشمه، وأمرنا أن نصلّي بالصلاة التي هي اثنتى عشرة ركعة:تقرأ في كل ركعة الحمد وسورة، فإذا فرغت قرأت (الحمد) أربعاً، و (قل هو الله أحد) أربعاً، والمعوّذتين أربعاً، وقلت: (لا إله إلاّ الله والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم) أربعاً، (الله الله ربي لا أُشرك به شيئاً) أربعاً، (لا أُشرك بربّي أحداً) أربعاً

من حكم واقوال الامام جواد عليه السلام

قال الإمام الجواد(ع): من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله و إن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس

قال الإمام الجواد(ع): التفقه ثمن لكل غال و سلم إلى كل عال

قال الإمام الجواد(ع): تعرف عن الشئ إذا صنعته لقلة صحبته إذا أعطيته. 

قال الإمام الجواد(ع): الايام تهتك لك الامر عن الاسرار الكامنة

قال الإمام الجواد(ع): لا يضرك سخط من رضاه الجور

قال الإمام الجواد(ع): نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر

قال الإمام الجواد(ع): عز المؤمن في غناه عن الناس

قال الإمام الجواد(ع): التحفظ على قدر الخوف. 

قال الإمام الجواد(ع): لا تكن وليا لله في العلانية ، عدوا له في السر

قال الإمام الجواد(ع) : لا تعادي أحدا حتى تعرف الذي بينه وبين الله ، فإن كان محسنا فإنه لا يسلمه إليك وإن كان مسيئا فان علمك به يكفيكه فلا تعاده 

قال الإمام الجواد(ع): الحوائج تطلب بالرجاء وهي تنزل بالقضاء ، والعافية أحسن عطاء. 

قال الإمام الجواد(ع): الثقة بالله تعالى ثمن لكل غال ، وسلّم إلى كل عال 

قال الإمام الجواد(ع): قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعا لما تهواه

قال الإمام الجواد(ع): من انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة والمعاقبة المتعبة

قال الإمام الجواد(ع): من لم يرض من أخيه بحسن النية لم يرض بالعطية

قال الإمام الجواد(ع): لا يضرك سخط من رضاه الجور

قال الإمام الجواد(ع): نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر

قال الإمام الجواد(ع): غنى المؤمن غناه عن الناس

قال الإمام الجواد(ع): كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة

قال الإمام الجواد(ع): إذا نزل القضاء ضاق الفضاء

قال الإمام الجواد(ع): إياك ومصاحبة الشرير فإنه كالسيف المسلول يحسن منظره ويقبح أثره 

قال الإمام الجواد(ع): راكب الشهوات لا تستقال له عثرة

قال الإمام الجواد(ع): من عتب من غير ارتياب أعتب من غير استعتاب.

قال الإمام الجواد(ع): من لم يعرف الموارد أعيته المصادر

قال الإمام الجواد(ع): من هجر المداراة قارَنـَه المكروه

قال الإمام الجواد(ع): من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه

قال الإمام الجواد(ع): القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالاعمال

قال الإمام الجواد(ع): من عمل على غير علم كان ما يُفسِد أكثَرَ مما يصلح 

قال الإمام الجواد(ع): من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه

قال الإمام الجواد(ع) : إن رضا الله وطاعته ونصيحته لا تقبل ولا توجد ولاتعرف إلا في عباد غرباء ، أخلاء من الناس ، قد اتخذهم الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات 

قال الإمام الجواد(ع): ليس الحليم الذي لا يتقي أحدا في مكان التقوى ، والحلم لباس العالم

قال الإمام الجواد(ع): ان إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض

قال الإمام الجواد(ع): بالتقوى نجى نوح ومن معه في السفينة وصالح ومن معه من الصاعقة 

قال الإمام الجواد(ع): إن الله عزوجل يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله

قال الإمام الجواد(ع): اوصيكم بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف ، والغنيمة في المنقلب

قال الإمام الجواد(ع): المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال : توفيق من الله ، وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه 

قال الإمام الجواد(ع): من كان هواه هوى صاحبه ودان بدينه فهو معه حيث كان ، والاخرة هي دار القرار

قال الإمام الجواد(ع): توسد الصبر ، واعتنق الفقر ، وارفض الشهوات ، وخالف الهوى ، واعلم أنك لن تخلو من عين الله ، فانظر كيف تكون

من مناظرات الامام الجواد عليه السلام

عاد المأمون من أحد أسفار صيده وفي يده سمكة صغيرة، وهو في الطريق وجد مجموعة من الصبية يلعبون، فهربوا إلا واحداً منهم لم ينصرف، فلما دنا منه المأمون قال: ما في يدي؟ فقال له: «إن الله تبارك وتعالى خلق بمشيئته في بحر قدرته سمكاً صغاراً ترتفع مع الماء في الغيم، فتصيدها بزاة الملوك، فيختبرون بها سلالة النبوة»، فقال المأمون: أنت ابن الرضا حقاً

مع قاضي القضاة بحضور الفقهاء والعلماء والفلاسفة

عن الريان بن شبيب قال: لما أراد المأمون أن يزوّج ابنته أم الفضل من أبي جعفر عليه السلام، بلغ ذلك العباسيين، فغلظ عليهم واستنكروه وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما انتهى مع الإمام الرضا عليه السلام

ولذا اجتمع منهم فئة مع المأمون وابدوا له اعتراضهم، ودار نقاش طويل بينهم إلى أن طلب المأمون أن يمتحنوه، حتى اتفقت كلمتهم على مناظرة قاضي القضاة في زمانه يحيى بن أكثم، على أن يسأله من الفقه عما لا يتمكن من الجواب عليه ووعدوه بأموال طائلة، ثم طلبوا من المأمون تعيين يوم الاجتماع، فأجابهم إلى ذلك.

أقول: وهو يشبه إلى حد كبير اليوم الذي ضربه فرعون للسحرة

وبعد أن استقر بهم المجلس، استأذن القاضي المأمون في توجيه السؤال إلى أبي جعفر، وبعد الإذن، استأذن أبا جعفر في توجيه السؤال إليه، فقال له الإمام عليه السلام: «سل إن شئت».

قال يحيى: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيداً؟ فقال أبو جعفر: «قتله في حل أم في حرم؟ عالماً كان أم جاهلاً؟ قتله عمداً أم خطأ؟ حراً كان المحرم أم عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً بالقتل أو معيداً؟ من ذوات الطيور كان أم من غيرها؟ من صغار الصيد أم من كبارها؟ مصراً على ما فعل أو نادماً؟ في الليل كان الصيد أو في النهار؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرماً؟»

فتحير قاضي القضاة وبان في وجهه العجز والانقطاع ولجلج، حتى عرف جماعة أهل المجلس أمره

مع قاتله

روى العياشي عن زرقان صاحب ابن أبي داوود قال: رجع ابن أبي داوود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغموم، فقلت له في ذاك، قال: لما كان اليوم من هذا الأسود أبي جعفر الجواد بن يدي المأمون. فبعد أن جمع الفقهاء وقد أحضر محمد بن علي، فسألنا عن القطع في يد السارق، فمن أي موضع؟ فقلت: من الكرسوع قال: وما الحجة في ذلك؟ قلت: لأن اليد من الأصابع إلى الكرسوع. لقوله في التيمم: {…فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ…}. (النساء/43) واتفق معي على ذلك جماعة

وقال آخرون بل يجب القطع من المرفق، لأن الله تعالى يقول في الوضوء: {…وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ…}. (المائدة/6)، فدل على أن اليد إلى المرافق، فالتفت المعتصم إلى محمد ابن علي، وقال: ما تقول يا أبا جعفر؟ فقال عليه السلام: «قد تكلم فيه يا أمير»، قال: دعني مما تلكما به أي شيء عندك؟ قال عليه السلام: «إعفني من هذا». قال: أقسمت عليك بالله تعالى لما أخبرت بما عندك فيه

فقال عليه السلام: «أما إذا أقسمت عليّ بالله، إني أقول إنهم أخطأوا فيه، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع ويترك الكف»

فقال: ما الحجة في ذلك؟ قال: «قول رسول الله صلى الله عليه وآله: السجود على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع، لم يبق له يد يسجد عليها، وقد قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ…}. (الجن/18) يعني بهذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها، وما كان لله لم يقطع»

قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف. قال ابن أبي داود: قامت قيامتي وتمنيت أني لم أكن حياً

من احتجاجه عليه السلام في مجلس المأمون

إن المأمون بعدما زوج ابنته أم الفضل أبا جعفر، كان في مجلس وعنده أبو جعفر عليه السلام ويحيى بن أكثم وجماعة كثيرة. فقال له يحيى بن أكثم: ما تقول يا بن رسول الله في الخبر الذي روي: أنه (نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: سل أبا بكر هل هو عني راض فإني عنه راض)

فقال أبو جعفر عليه السلام: «…يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع: قد كثرت علي الكذابة وستكثر بعدي فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فإذا أتاكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به، وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله قال الله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}.() فالله عز وجل خفي عليه رضاء أبي بكر من سخطه حتى سأل عن مكنون سره، هذا مستحيل في العقول»

ثم قال يحيى بن أكثم: وقد روي: (أن مثل أبي بكر وعمر في الأرض كمثل جبرئيل وميكائيل في السماء)

فقال عليه السلام: «وهذا أيضا يجب أن ينظر فيه، لأن جبرئيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط، ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة، وهما قد أشركا بالله عز وجل وإن أسلما بعد الشرك. فكان أكثر أيامهما الشرك بالله فمحال أن يشبههما بهما»

قال يحيى: وقد روي أيضا: (أنهما سيدا كهول أهل الجنة) فما تقول فيه؟

فقال عليه السلام: «وهذا الخبر محال أيضا، لأن أهل الجنة كلهم يكونون شبابا ولا يكون فيهم كهل، وهذا الخبر وضعه بنو أمية لمضادة الخبر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله في الحسن والحسن عليهما السلام: بأنهما سيدا شباب أهل الجنة»

فقال يحيى بن أكثم: وروي (أن عمر ابن الخطاب سراج أهل الجنة)

فقال عليه السلام: «وهذا أيضا محال، لأن في الجنة ملائكة الله المقربين، وآدم ومحمداً، وجميع الأنبياء والمرسلين، لا تضيء الجنة بأنوارهم حتى تضيء بنور عمر»

فقال يحيى: قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (لو لم أبعث لبعث عمر)

فقال عليه السلام: «كتاب الله أصدق من هذا الحديث، يقول الله في كتابه: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح}() فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه، وكل الأنبياء عليهم السلام لم يشركوا بالله طرفة عين، فكيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نبئت وآدم بين الروح والجسد»

فقال يحيى بن أكثم: وقد روي أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (ما احتبس عني الوحي قط إلا ظننته قد نزل على آل الخطاب)

فقال عليه السلام: «وهذا محال أيضا، لأنه لا يجوز أن يشك النبي صلى الله عليه وآله في نبوته قال الله تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس}() فكيف يمكن أن ينتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالى إلى من أشرك به»

قال يحيى: روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (لو نزل العذاب لما نجا منه إلا عمر)

فقال عليه السلام: «وهذا محال أيضا، لأن الله تعالى يقول: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} فأخبر سبحانه أنه لا يعذب أحدا ما دام فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وما داموا يستغفرون»

قال أبي داوود: صرت إلى المعتصم وقلت: إن نصيحة الأمير واجبة وأنا أكلمه بما أعلم أني أدخل النار منه، قال وما هو؟ قلت: إذا جمع الأمير في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر وقع من أمور الدين وسألهم عن رأيهم فيه فأخبروه بما عندهم، وقد حضر مجلسه أهل بيته وقواده ووزراؤه وكتّابه، وقد تسامع الناس من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بإمامته ويدّعون أنه أولى منه بمقامه ثم يحكّم حكمه دون حكم الفقهاء، قال: فتغير لونه وتنبه بما تنبه له، وقال: جزاك الله عن نصيحتك خيراً

ثم أمر أحد كتابه في اليوم الرابع أن يدعو الإمام الجواد إلى منزله، فدعاه فأبى أن يجيبه، وقال عليه السلام: «قد علمتَ أني لا أحضر مجالسكم»، فقال: إنما أدعوك على الطعام…، ثم دس له السم، فاستشهد عليه السلام وذلك آخر شهر ذي القعدة سنة 220 هجرية

تباعاً:1- على المستوى العلمي،وكان من اثار هذه المناظرات أن انتشر الفكر الشيعي وشاع وبانت قوته ومتانته وعلوّه، فانقلب السحر على الساحر.2- وأما من جهة العصمة، فقد حاول المأمون الطعن بها وتسجيل ولو خطأ واحد على الإمام عليه السلام، وبذل لذلك كل ما أمكنه، فعن محمد بن الريان قال: “احتال المأمون على أبي جعفر عليه السلام بكل حيلة فلم يمكنه فيه شي‏ء فلما أراد أن يبني عليه ابنته دفع إلى مائة وصيفة من أجمل ما يكنّ إلى كل واحدة منهن جاماً فيها جوهر يستقبلون أبا جعفر عليه السلام إذا قعد في موضع الختان، فلم يلتفت إليهن، وكان رجل يُقال له مخارف صاحب صوت وعود وضرب، طويل اللحية فدعاه المأمون فقال: يا أمير المؤمنين إن كان في شي‏ء من أمر الدنيا فأنا أكفيك أمره، قعد بين يدي أبي جعفر عليه السلام لا يلتفت إليه لا يميناً ولا شمالاً، ثم رفع رأسه عليه، وقال عليه السلام: (اتقِ الله يا ذا العثنون)، قال: فسقط المضراب من يده والعود فلم ينتفع بيده إلى أن مات.

ورغم الحقيقة الراسخة في عصمة الإمام عليه السلام إلا أن المأمون كان قادراً على الاستفادة من وجود الإمام في قصر الخلافة من الجهة الإعلامية ليعكسها بشكل سلبي على الشارع الشيعي، وقد واجه الإمام عليه السلام ذلك أيضاً واسقطه، فقد روي عن الحسين المكاري قال: دخلت على أبي جعفر ببغداد وهو على ما كان من أمره، فقلت في نفسي: هذا رجل لا يرجع إلى موطنه أبداً وما أعرف مطعمه؟4 قال: فأطرق رأسه ثم رفعه وقد أصفر لونه.

فقال عليه السلام:”يا حسين خبز شعير وملح جريش في حرم رسول الله أحب إلي مما تراني فيه”.

3- لم يستطع أن يحول الشيعة إلى المشروع العباسي ويستفيد منهم كأتباع لهذا المشروع، بل على العكس فقد استفاد الإمام عليه السلام من هذه السياسة في تقوية المشروع الإسلامي الأصيل. ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون﴾5

وعلى أي حال فإن المأمون استمر بسياسته هذه يحصد الفشل تلو الاخر إلى أن توفي وحكم بعده أخوه المعتصم، فسار مدة بسيرة المأمون، ولكنه سرعان ما فقد الأمل من تحقيق أهدافه، وفهم الاثار التي تحصل بسبب هذه السياسة التي لم تزد مشروعه إلا ضعفاً ووهنا والشيعة إلا علوا ومتانة، وأحس بالاحباط والفشل فتخلى عن سياسته هذه وتوسل بالحديد والنار شان كل ضعيف لا يقدر على مواجهة الكلمة والفكر، فدس السم له واستشهد عليه السلام على عمر لم يتجاوز الخمسة

Contact Us: info@alqaaem.net

© Copyright 2025 Al-Qaaem Foundation. All Rights Reserved.

Designed By Trust PC Expert